مخاطر الهرمونات في اللحوم والألبان على صحة المستهلك

مخاطر الهرمونات في اللحوم والألبان على صحة المستهلك

اعداد د\ محمد الأسيوطي

مقالات 5 دورات 3

 باحث أول صحة وسلامة الأغذية و أستاذ.م بمعهد بحوث الصحة الحيوانية بدمنهور

شارك الخبر

مخاطر الهرمونات في اللحوم والألبان على صحة المستهلك

تاريخ الإصدار: 2023-08-01 09:11:45
مقدمة

كتب: د/ محمد سعيد الاسيوطي                                                                             
باحث أول صحة و سلامة الاغذية    
بمعهد بحوث صحة الحيوان بدمنهور – مركز البحوث الزراعية – مصر.     

تعتبر اللحوم والالبان من المصادر الهامة للبروتين الحيواني العالي القيمة ، ويعتمد فحص الذبائح بصورة رئيسية على الكشف على الذبائح بالمسالخ ظاهرياً بالعين المجردة بهدف خلوها من الآفات المرضية والحكم على مدى صلاحية الذبائح للاستهلاك الآدمي . ونظراً للزيادة المضطردة في عدد السكان وما ترتب عليه من زيادة استهلاك اللحوم ، أصبح استخدام بعض الأدوية البيطرية ومنشطات النمو ضرورة في تحسين الناتج من اللحوم. وتتميز معظم الأدوية البيطرية وكذلك الهرمونات المستخدمة في هذا المجال بأثرهم التراكمي في أنسجة الحيوانات وعدم تأثرهم بالمعاملات المختلفة التي تتعرض لها اللحوم أثناء االاعداد والتصنيع ، ومن ثم ينشأ الخطر على صحة المستهلك. كما أنه يوجد العديد من المواد الحافظة التي تضاف إلى منتجات اللحوم مثل المواد المالئة والمواد الملونة والتي تدرج تحت المواد المضافة للأغذية والتي تكون لها أثراً ضاراً على صحة المستهلك . وقد أصدرت العديد من الدول القوانين المنظمة لهذه الأمور ، مثلاً منعت المجموعة الأوربية تداول وتصدير لحوم الحيوانات المعاملة بمنشطات النمو فيما بينها ، كما منعت القوانين الأمريكية استخدام داي ايثيل ستلبسترول كمنشط للنمو عام 1972 وكذلك كندا عام 1973 . إن خطورة المتبقيات الهرمونية في لحوم و ألبان الحيوانات التي تستخدم كغذاء للإنسان، تؤدي إلى خلل في التوازن الهرموني في جسم الإنسان مثل نمو الثدي مبكراً ، حيض مبكر غير طبيعي في النساء وكذلك نضج جنسي مبكر ، وتكمن مشكلة الهرمونات في صعوبة كشفها في التحاليل المعملية ويكون تأثيرها أكبر عند تناول الأطفال لهذه الهرمونات خاصة عند تناول الحليب أو منتجاته.

أنواع المتبقيات الكيميائية في اللحوم و الالبان :  

1- منشطات النمو والهرمونات فى اللحوم :.
بدأ استخدام الهرمونات في الولايات المتحدة عام 1947 وخصوصاً في الأبقار والخراف ويطلق على هذه المواد لفظ منشطات النمو. وتستعمل عقاقير الهرمونات للأغراض المختلفة في حيوانات المزرعة. وهرمونات الجنس يوجد منها طبيعياً ( داخلية المنشأ) ، كما يوجد هرمونات صناعية ( خارجية المنشأ). كل الهرمونات الطبيعية والصناعية كانتا في فترة معينة واسعة الاستخدام في عملية إنتاج اللحوم .
هرمونات الجنس الطبيعية داخلية المنشأ ( ايسترادول ، تسترون وبروجسترون) تعرف بأنها مادة سيترودية طبيعية تنتج بواسطة غدد الذكر والأنثى ، وتعتمد الهرمونات في الحيوان على عمر الحيوان والحالة الفسيولوجية للحيوان . حتى الآن التمييز بين الحيوانات غير المعاملة والمعاملة بالهرمونات الطبيعية يمكن أن يجري فقط على أساس كمي وليس كيفي . هذه الحقيقة اعتمدت على أن هذه الستيرويدات الثلاث تدخل نفس مسلك الأيض . بصرف النظر عما إذا كانت في الأصل داخلية أو خارجية المنشأ. وهكذا فإن الحيوانات المعاملة بالهرمونات الطبيعية يمكن التعرف عليها فقط في حالة إذا زادت مستويات الهرمونات الطبيعية في أنسجتها زيادة معنوية عن تلك الحيوانات غير المعاملة .
نتيجة لسهولة اكتشاف بقايا الهرمونات الصناعية في الأنسجة ، فقد انتقل الاتجاه الأساسي إلى استخدام الهرمونات الطبيعية ( خاصة ايسترادول ) وذلك بسبب صعوبة تمييزها عن الهرمونات داخلية المنشأ ، على أي حال في بريطانيا العظمى وفي الفترة من 1987 إلى 1990 تم جمع عدد 4454 عينة مصل ماشية من المسالخ وأتضح وجود بقايا الهرمونات الطبيعية بمقدار أعلى من الحدود المسموح بها في 40 عينة . هرمونات الستيرويدات الصناعية ( خارجية المنشأ ) أما أن تتشابه بهرمونات الذكر والأنثى الطبيعية ( داخلية المنشأ ) أو لها نفس التركيب . هذه الهرمونات لها تأثير على النمو السريع للحيوانات وتعطي بطريقة الفرس في الأذن مما ينتج عن ذلك عوامل منشطة للنمو فترة طويلة ، وعند ذبح الحيوانات تستبعد الأذن لمنع تلوث الغذاء بالعقار المتبقي . مركبات الاستلبينات وزيرانول الصناعية تكون هرمون الذكر ( أندروجين ) . ومرة أخرى تقدير الاستخدام الغير قانوني لهذه المواد يكون اسهل لأن هذه المواد تتواجد طبيعياً في جسم الإنسان ، ووجود بقاياها دليل على الاستخدام الغير قانوني. هيئة خبراء منظمتي الأغذية والزراعة والصحة العالمية إشارات على الخطورة الناجمة من بقايا العقاقير البيطرية في الأغذية على صحة الإنسان ، وعملت توصيات باستخدام العديد من المضادات الحيوية. كما أجرت تقييم لبقايا الكلورامفينكول وبعض الهرمونات منشطات النمو الطبيعية والصناعية. كما أوصت الهيئة بالحدود القصوى المسموح بها لبقايا العقاقير وكذلك بكمية العقار المسموح للفرد باستهلاكه يومياً للغذاء طول حياته. وبالنسبة للهرمونات الطبيعية أوصت الهيئة بأنه من غير الضروري تقدير الكمية المقبول استهلاكها يومياً بواسطة الإنسان ، حيث أن الهرمونات الطبيعية تنتج داخلياً في جسم الإنسان . كما أن الهيئة لم توصى بالجرعة المقبولة يومياً أو الحد الأقصى المسموح به لتركيز بقايا عقار الكلورامفينكول في الأغذية ( بينما نصحت المفوضية الأوربية بالا يزيد مستوى بقايا الكلورامفينكول في الأغذية عن 0.01 مليجرام/كجم ) نتيجة لسمية هذا العقار وعدم القدرة على تحديد المستوى الغير مؤثر له ، ولذلك أوصت الهيئة بمنع استخدام عقار الكلورامفينكول خاصة في الحيوانات الحلوب .
جدول يوضح الحدود القصوى لبعض العوامل البيطرية الموصى بها بواسطة هيئة خبراء منظمتي الأغذية والزراعة والصحة العالمية
* اعتمد على استهلاك 500 جرام لحم يومياً بواسطة شخص يزن 60 كيلوجرام . ونصت توجيهات المفوضية الأوربية 96/23 في 29 أبريل 1996 على :
1 - منع استخدام المواد التي لها فعل الهرمونات التي تستخدم كمنشطات النمو والمداواة ووضع خطوات لتعيين العقاقير البيطرية في المواد الغذائية ذات أصل حيواني .
- 2مسائلة المزارعين والمربين الذين لا يحتفظون بسجلات كاملة للأدوية البيطرية المعطاة للحيوانات التي في عهدتهم. ويجب أن تشمل السجلات : اسم العقار ، الجرعة ، تاريخ إعطاء العقار للحيوان .
- 3وضع خطة جمع العينات والحيوانات التي ترسل للمسالخ تمهيداً للاستهلاك الآدمي .
- 4عدم استخدام عقاقير غير مرخص باستعمالها للحيوانات التي تنتج الغذاء أو ذبح الحيوانات التي تحتوي على بقايا عقاقير أكثر من المستوى المسموح به .
- 5عدم ذبح الحيوان خلال فترة السحب من تناول العقار البيطري .
- 6في حالة وجود علاج غير قانوني يوضع القطيع تحت المراقبة الرسمية مع وضع علامات ميزة على الحيوانات وكذلك العينات .
- 7في حالة وجود بقايا مواد مصرح بها يتعدى الحدود القصوى تؤخذ جميع التدابير لحماية الصحة العامة والذبيحة ومنتجاتها لا تصلح للاستهلاك الآدمي.
2- الهرمونات في الالبان 
كثيراً ما يتم إثارة تساؤلات حول سلامة الأغذية دون الإستناد على أدلة علمية ،من هذه الدعاوى ضرورة فرض حظر – كما طلب الكثيرون-على حليب الأبقار المستورد من إحدى الدول بحجــة إستخدام هذه الدولة لأحد مركبات هرمون النمو المصنعة   Synthetic Growth Hormoneفي الأبقار الحلوب.
الهرمونات المُفــرزة في الحليب Hormones in the milk
يحتوي حليب الأبقار بشكل طبيعي على عدد من الهرمونات ذات المنشا البروتيني والإستيرويدي. في الأبقار الطبيعية يكون تركيز هذه الهرمونات قليلاً (الجدول رقم 1 ).
 

 

تركيز الهرموناسم الهرمون نوع \ منشأ الهرمون
50هرمون الحليب (البرولاكتين) Prolactin 
1-5الهرمون المحفز للقونادوتروبين   (GRH)        Gonadotropin Release Hormone  هرمونات برويتيننة 
175إيستراديول  Estradiol  
30إيسترون Estrone  
10-30

بروجيستيرون Progesterone 

 

هرمونات ستيرويدية 
0.2-0.6

كورتيزون وكورتيكوستيرون Cortisone and Corticosterone 

 

 

 

 

 

في العام 1990 خــلُص بعض الباحثين  إلى أن تركيز الهرمونات المُفــرز في حليب الأبقار قليل جــداً مقارنة بمحتويات حليب المرأة. فقد وجد الباحثون أن 8 أوقيات من حليب الأبقار تحتوى على 29 نانوجرام من الإستيروجين بينما تُفــرز المرأة المرضعة غير الحامل  Non-pregnant adult female    حوالى 48x104    نانوجرام  من الإستيروجين في اليوم. أي أن تناول 16 اوقية من  حليب الأبقار في اليوم يزود فقط 0.012% من كمية الإستيروجين المُفــرزة يوميا بواسطة المرأة الطبيعية المرضع غير الحامل.                      
هــرمون النمو البقري Bovine Somatotropin (bST)  

هرمون السوماتوتروبين Somatotropin هو هرمون بروتيني Protein Hormone يُفــرز بواسطة الغدة النخامية Pituitary Gland  في كل الثديات.يعتبر هرمون السوماتوتروبين في الأبقار من الهرمونات الرئيسية التي تتحكم في النمو وإنتاج الحليب.
لم تُحدد الآلية التي عن طريقهــا يؤثر الهرمون في كمية الحليب المنتجة إلا أن هناك العديد من النظريات والتي من أهمها:
• يزيد الهرمون من معدل تدفق الدم للضــرع وعليه تزيد كمية المكونات الأولية للحليب الواصلة للضــرع.
• يزيد من عوامل النمو الشبيهة بالإنسيلوين Insulin–like Growth Factors وتحديداً عامل النمو الشبيه بالإنسيلوين-1 IGF-I والذي يلعب دوراً في زيادة الغدد اللبنية و/أو كفاءة الغدد اللبنية الموجــودة أصــلاً.
• يقلل من تصنيع الدهون Lypogensis في الجسم مما يتيح توفر المزيد من الأحماض الدهنية الحرة  -  (Free Fatty Acids (FFA  لعملية الأكسدة في الأنسجة أو صناعة دهن الحليب في الغدد اللبنية بالضرع.
• الحفاظ على النيتروجين Nitrogen Conservation وبالتالي يقل مستوى اليوريا Urea والنيتروجين Nitrogen في بلازما الدم.
وجد الباحثون أن حليب الأبقار يحتوى بشكل طبيعي على كميات من هرمون النمو تتراوح بين 1-10 نانوجرام/مل من الحليب كما ولاحظوا أن تركيز الهرمون في حليب الأبقار التي تمت معالجتها بواسطة الهرمون لم يكن بأي حال أعلى منه في حليب الأبقار التي لم تتلق أي علاج هرموني .
في العام 1991 قام الباحث كولير وآخرون  بقياس تركيز محفــز النمو شبيه الإنسيولين IGF-1  في حليب أبقار تلقت علاجــاً بواسطة هرمون النمو البقري المصنــّع  ومقارنته بحليب أبقار لم تتلق عــلاجاً ولم يجدوا أي فرق بين المجموعتين. بينما سجل بعض الباحثين أن تركيز محفز النمو شبيه الإنسيولين  IGF-1 في الأبقار المــُعالجة أقل منه حليب النســاء الرُضــع.
 هرمون النمو البقري المصـــنع  bST - Synthetic Bovine Somatotropin  

في العشرينات من القرن الماضي لاحظ الباحثون أن حقن الأبقار الحلوب بهرمون النمو البقري أدى لزيادة ملحوظة في إنتاجية الحليب إلا أن إستخلاص كمية من الهرمون تكفي بقرة واحدة ليوم كان يحتاج إلى معالجة وتنقية حوالي 25 غدة نخامية. في العام 1979 وبإستخدام تقنية إعادة تركيب الحمض النووي Recombinant DNA Technology  قامت شركة أمريكية بعزل الجين الخاص بالهرمون وإعادة تركيبه في باكتيريا إشيريشيا كولاي ك-12 E.coli K-12 ليتـم تصنيع الهرمون تجارياً.الشكل 1 يبين مراحل تصنيع الهرمون.
هرمون النمو البقري وصحة المستهلك - Recombinant Bovine Somatotropin and the Health of Humans 
خلصت العديد من منظمات الصحة وهيئات الأغذية في مختلف بلدان العالم إلى أن المنتجات الغذائية المستخدم فيها حليب من أبقار تمت معالجتها بواسطة هرمون النمو البقري المصنع آمنة صحياً ولا تمثل تهديداً لصحة المستهلكين.
وهناك الكثير من الأسباب التي تمنع متبقيات الهرمون الموجودة في حليب الأبقار (بشكل طبيعي أو نتيجة المعالجة) من أن يكون لها تأثير فسيولوجي على متناوليها. اول الأسباب هي أن هرمون النمو يتميز بخاصية تميز النوع Species Specific الشئ الذي يعني أن الهرمون البقري ليس نشطاً أو فعالاً في الإنسان وإن تم حقنــه. كما وأن أي كميات من الهرمون يتناولها الإنسان يتم تكسيرهــا في المعدة لأحماض أمينية بواسطة الإنزيمات الهضمية كشأن أي بروتين يتناول عن طريق الفم.وقد أصدرت اللجنة المشتركة من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الزراعة العالمية في العام 1992 تقريراً يبين عدم خطورة تناول أغذية مستخدم فيها حليب من أبقار تمت معالجتها بوساطة هرمون النمو البقري المصنــع.
الخلاصة:  
لا تشكل منتجات حليب الأبقار أي تهديداً لصحة الإنسان من ناحية محتواها من هرمون النمو البقري المصنع وإن درجت بعض الدول على إلزام الشركات بالتوضيح على البطاقة الغذائية أن الحليب المستخدم في المنتج من أبقار تمت معالجتــها هرمونيــاً .إلا أن إدارة الأغذية والدواء الأمريكية FDA تلزم الشركات بوضع العبارة التالية مع التنبيه السابق:لم يثبت وجود فروقات بين الحليب المستخلص من أبقار تمت معالجتها هرمونياً وتلك التي لم تتلق أي علاج هرموني.